الساحرة

الساحرة

تجمهروا حولها إنها أقوى بنت عرفوها في حينا ،كانت جميلة العينين وطولها فارع ومتكبرة جداً فأبوها هو الأغنى وهم الوحيدون الذين يملكون سيارة فارهة وتذهب للتدريب في ناديهم الخاص وكانت تسمعنا كلمات التعالي .

  • أنا أتدرب على الكاراتيه لذلك فانا أستطيع كسر رقبة أقوى رجل.

قال احد الشباب الواقفين .

  • أنت طالبة في المتوسطة وتستطيعين كسر رقبة رجل هذا غير صحيح ،أنت تكذبين .
  • أنا أتدرب على الكاراتيه – وقامت بحركة سريعة — وأستطيع بهذه الضربة إن اكسر طابوقة .

ضحك الفتيان وقال أحدهم .

-لا يا بطلة بهذه اليد تستطيعين كسر فلينة و ليس طابوقة .

– هذه يدي قوية جدا انتم نظرتكم متأخرة للبنات – وقامت بتحريك رأسها نصف دورة مما جعل شعر رأسها الطويل والمسرح جيداً يلف حولها تقريباً ورفعت انفها إلى الأعلى إظهارا للتعالي .

نظر احد الشباب إليها بامتعاض وقال لها .

  • لو كنت ولداً لتصارعنا ولعلمتك الأدب .
  • ولماذا لا تتصارع يا بطل – قالتها بميوعة وأنزلت كتفها الأيمن ولفت وجهها بعيداً عنه فأجابها بسرعة :
  • لأنك بنت وهذا عيب فردت عليه وبلهجة سريعة و كأنها تؤدي عملها وقد ثنت إحدى ركبتيها ومدت الثانية إلى الأمام قليلاً ورفعت يدها اليمنى ووضعت اليسرى مقبوضة على خصرها .
  • لنتلاوى بالأيدي وليأتي أحدكم بمنضدة قوية ووسادة نسند عليها أيدينا لنرى من يده أقوى . ولفت يدها بحركة سريعة في الهواء وهي تتكلم – وبعد دقائق أحضرت المنضدة والوسادة وبثبات وضعت كوعها على الوسادة ومسكت بطرف المنضدة وقالت بكلمات واثقة وقوية فيها كثير من التكبر .
  • من يتقدم يا أبطال ؟

تقدم احد الشباب ووضع يده بيدها مسنداً كوعه على الوسادة منتظراً إشارة البدء فنظرت إليه ونظر إليها فالتقت عيونهما وقالت وهي غير مكترثة له .

  • واحد ،اثنان ، ثلاثة ، إبدأ .

وبدأ يحاول ليَ يدها إنها فعلاً قوية وما زالت عيناه تنظر إليها   والى عيونها الجميلة برموشها الطويلة والتي ما أن رمشت حتى خارت قواه فصاح الشباب:

  • لقد فازت ، لقد فازت ودوت موجة تصفيق وقالت بلهجة اشد تكبراً
  • من يتقدم من الأبطال ؟

تقدم آخر وبنفس النظرة والتي كانت كالسهم خارت قواهم الواحد تلو الأخر حتى اصفرت وجوههم و تصبب منهم العرق خجلاً فكيف لبنت صغيرة أن تفوز عليهم , قال احد الشباب .

  • أظنها تستعمل السحر ، قال آخر لا يا أخي إنها شيطان فقد انقطعت أنفاسي عندما نظرت إلى عيونها الجميلة .

قال احد الشباب وكان أكثرهم واقعيةً:

  • إنها قوية فهي تتدرب في النادي فلا بد أن يترك ذلك أثراً .

لقد فازت على عشرة من الشباب الأقوياء أما الباقين فوقفوا مبهوتين إنها اصغر منهم فكيف استطاعت الفوز عليهم ،تقدم احد الشباب وكان حانقاً فقال :

  • سألقنها درساً.

ولكن ما أن تقدم خطوة حتى توقف فجأة قال عدد من الشباب :

  • ما بك يا بطل تقدم ؟
  • لا فانا لا أريد أن اكسر يدها وهذا يودي إلى مشكلة. فسكت برهة وهو ينظر بعيداً

– ولكن انظروا من جاء إلينا   ؟

صاح احد الشباب انه سعيد فضحك الجميع !!!

وكان سعيد احد شباب الحي ضعيف البنية اسود الشعر ذو سمار خفيف يمشي ببطء ويوحي شكله إلى الضعف يحمل دائما مصحف صغيراً اعتاد أن يقرأ به ويحفظ القران . قال احد الشباب:

  • انه يبقى في المسجد بعد العصر إلى إن يكمل التسابيح لنطلب منه ملاواتها تقدم باتجاههم فاخذوا بالتصفيق ، قال احد الشباب متهكماً :
  • تقدم يا شيخ سعيد تقدم يا بطل !!!
  • فقال سعيد ما بكم؟
  • عندنا مصارعة .
  • مع من؟
  • مع هذه المتكبرة .

نظر إليها وقال:

  • ولكن هذا عيب ،كيف نتصارع مع البنات ؟!
  • لا إنها ملاواة فقط.

هز كتفه وقال :

  • لا هذا عيب وحرام فكيف أضع يدي بيدها ؟

قال احد الشباب :

– لا يا جبان انك تخاف الهزيمة   .

رد عليه ببرود :

  • قل ما شئت فهذا لن يكون ثم إنها بنت ضعيفة اظهروا قوتكم بينكم يا أبطال .

قال احد الشباب بنبرة ضعيفة :

  • لقد هزمتهم كلهم يا شيخ سعيد .
  • أصحيح هذا ؟!
  • نعم ،نعم .
  • هذا غير معقول !.

اخرج احد الأولاد منديلاً ووضعه على يد البنت التي ما زالت واضعةً كوعها على الوسادة تنتظر من يتقدم، وقال:

  • تقدم يا بطل يا من يريد تحرير فلسطين ،أرنا قوتك الجبارة التي تريد أن تهزم بها اليهود .

ظهر الارتباك عليه وتصبب على وجهه عرقاً بارداً ونظر إلى عيون الشباب التي ترمقه وتأمل فيهم جيداً وتقدم خطوة وتوقف ووضع المصحف الذي كان بيده في جيبه وأراد الانسحاب ولكن الشباب لم يتركوا له مجالا للحركة بل دفعوه بقوة وكان الغمز واللمز في كلماتهم الجارحة –يا بطل الإسلام – يا سيف الله البتار – أرنا بطولاتكم , تقدم ووضع كوعه وتردد أن يضع يده، قالت له متهكمةً :

  • مد يدك يا سيد الشجعان.

فمسك بيدها برفق وأشاح وجهه عنها .

  • انظر أليها ، انظر أليها ،صاح احد الشباب فرد عليه بنبرة هادئة :
  • لا النظرة سهم من سهام الشيطان .

اخذ الأولاد يعدون بصوت واحد :

  • واحد ، اثنان ، ثلاثة، ابدأ .

قال بصوت مسموع – يا الله- وبحركة بسيطة كانت يدها على المنضدة فاخذ الأولاد يصفقون ويهتفون واخذ بعضهم يتقافز كالمجنون، ردت بتعال واضح :

  • لقد اجفلني هذا القبيح عندما قال يا الله وهذا غش فلنعد المحاولة .

رد الشباب بصوت عال جداً – حاضر ، حاضر – فأعاد يده مرة أخرى واخذ الشباب يعدون .

  • واحد ، اثنان ، ثلاثة، إبدأ .

قال يا الله بصوت لم يكد يسمع وترك يده في الوسط للحظات وهو يشيح بوجهه عنها ثم بضغطة بسيطة كانت يدها على المنضدة .

صاح احد الشباب:

  • عاش القبيح ،عاش الشيخ سعيد .

صافحه أقوى الشباب وقبله وقال له :

  • تهانينا إنك بطل ولم نكن نعرف .

قال آخر :

  • لقد عرفت ،لقد عطل سحرها لأنه كان يحمل القران معه .

انسحبت عنهم وهم ما يزالون محتفلين يصفقون لهذا البطل .

اترك تعليقاً