كأن في أذنيه وقرا
بسم الله الرحمن الرحيم
,الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد لقد ذكر الصمم في القرآن الكريم بكل المستويات المعروفة علميا , أي من درجة الصمم النفسي الإرادي إلى درجة الصمم المركزي الأصيل ,وكلها ذكرت بأسلوب إعجازي ودقيق جدا يطابق آخر ما توصل إليه العلم الحديث, وبدون لي عنق النص أو إهلاك المعلومة الطبية الدقيقة .
وللصمم درجات , حيث الكلام هنا لكتب علم وظائف الأعضاء ( الفسلجة ) , كما أنه
لكتب علم الأذن والأنف والحنجرة والتي هي إحدى الاختصاصات الدقيقة في الطب. والصمم يبتدئ بالصمم الإرادي النفسي فالصمم المقنع فصمم قناة الأذن الخارجية فالداخلية يليه صمم العصب السمعي ثم الصمم المركزي بنوعيه , وكما سنرى فكلها مذكورة بدقة عالية في المصحف مما يدهش الأطباء , والمعتصمين بالعلم الحديث .
وقد تم ذكر الأنواع الأربعة للصمم في الجزء الأول وهي الصمم الإرادي النفسي والصمم المقنع(MASKING) فصمم الانتقال الصوتي (CONDUCTION DEAFNESS) ثم نوع آخر من صمم الانتقال الصوتي (كأن في أذنيه وقرا) وذكرنا الآيات التي جاءت بها.
وسنتطرق في هذا الجزء إلى أنواع جديدة من الصمم
نوع آخر من صمم الانتقال الصوتي (CONDUCTION DEAFNESS)
(في أذنيه وقرا)
يقول سبحانه وتعالى (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (44) (فصلت))
مختصر اقوال المفسرين في هذه الآية
والمعنى أنه لو جعلنا هذا الكتاب الذي تقرأه على الناس قرآنا أعجميا أي بغير لغة العرب فمثلا لو أنزلناه بلسان العبرانية لقالوا لولا فصلت آياته.أي بينت بلغتنا فإننا عرب لا نفهم لغة العجم , بينت بلسان نفقهه والأعجمي هو الذي لا يفقه العربية أو أنه غير عربي والعجمي الذي ليس من العرب فصيحا كان أو غير فصيح وهذه الآية نزلت بسبب تخليط كان من قريش في أقوالهم من أجل الحروف التي وقعت في القرآن أو هو مما عرف من كلام العجم كالسجين والإستبرق ونحوه كأنهم قالوا لولا فصل فصلين فكان بعضه أعجميا يفهمه العجم وبعضه عربيا يفهمه العرب , و أأعجمي وعربي , إنكار كلام أعجمي ورسول أو مرسل إليه عربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء أي يهتدون به إلى الحق ويتشفون به من كل شك وشبهة ومن الأسقام والآلام ، يعني أن القرآن إرشاد إلى الحق وشفاء لما في الصدور أي يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم ويعلمهم من العلوم النافعة وشفاء للمؤمنين المبصرين للحقائق على الذين لا يؤمنون ولا يصرفون نظرهم وحواسهم في المصنوعات، أما الكافرون به فهو عليهم عمي لأنهم في آذانهم وقر وعلى قلوبهم أقفال وعلى أعينهم غشاوة والوقر الثقل في الأذن المانع من السمع وقيل هذه كلها استعارات أي لا يفهمون ما فيه وهو عليهم عمى أي لا يهتدون إلى ما فيه ، في آذانهم وقر وهو أي القرآن عليهم عمى. والإشارة بقوله ( أولئك ) هي إلى الذين لا يؤمنون أي ذو عمى ،وعمى قد تعني ظلم وشبهه , ومن لم يتدبر القرآن صار كالأعمى ،عليهم عمى يعني القرآن عليهم حجة ،وعمى أي لا يبصرون به رشدا ولا يهتدون به . أولئك ينادون من مكان بعيد قال بعيد من قلوبهم اولئك ينادون يحتمل معنيين وكلاهما مفعول للمفسرين أحدهما أنها استعارة لقلة فهمهم فشبههم بالرجل ينادى على بعد فيسمع منه الصوت ولا يفهم تفاصيله ولا معانيه وهذا تأويل مجاهد والآخر أن الكلام على الحقيقة وان معناه أنهم يوم القيامة ينادون بكفرهم وقبيح أعمالهم من بعد حتى يسمع ذلك أهل الموقف فتعظم السمعة عليهم ويحل المصاب , أو أنهم يوم القيامة ينادون بكفرهم وقبيح أعمالهم من بعد حتى يسمع ذلك أهل الموقف ليفضحوا على رؤوس الخلائق أو ينادون يوم القيامة من مكان بعيد فينادى الرجل بأقبح الأسماء التي كانوا ينادونه بها في الحياة الدنيا أو ينادى من مكان بعيد فينقطع صوت المنادي عنه وهو لم يسمع كقولك للرجل الذي لا يفهم كلامك وأنت تنادى من مكان بعيد.
التفسير العلمي والإعجاز القرآني في هذه الآية
بالرجوع الى كتب الفسلجة ووظائف الاعضاء فان عملية السمع تحتاج إلى أذن سليمة ومركز عصبي مركزي في حالة وعي أي سليم عضويا وفسلجيا واراديا، وأن أية موانع أو عوائق وعطل ابتداء من بدء وصول الصوت إلى الأذن الخارجية فالوسطى فالداخلية ثم العصب السمعي المؤدي إلى المركز السمعي في المنطقة 41 من الدماغ منتهيا إلى مناطق الوعي في قشرة الدماغ ومنطقة ونكز( WERNICK”SAREA) سليمة و(HYPOTHALAMUS) سليم فكلها سوف يؤثر في المسموع من الأصوات ويؤثر على ما سنعي من الكلام(كانونك للفسلجة ص181) ،
ومما لا شك فيه فإن درجات الوعي لما يقال تعتمد على معرفه مسبقة باللغة ، فإذا كان الإنسان يعرف اللغة جيدا كأن تكون لغت الام (الأساسية) فانه لو سمع نصف الكلمة لكادت تكفيه لفهم المعنى، في حين أنه لو لم يكن يعرف تلك اللغة جيدا فحتما سيحتاج إلى درجة سمع أعلى لتصل كامل تفاصيل تلك الكلمة كي تتحسن عملية وعيها وإدراكها ، لذلك يقول سبحانه وتعالى إن القران لو كان بغير لغة العرب لقالوا إن هذا سوف يؤدى إلى عدم الوضوح أي اختلاط الكلمات علينا وعدم وعينا لها جيدا فنحن عرب ولا نعي هذه الكلمات بصورة جيده ، فلماذا ترسل لنا بلغة أخرى (أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ) ، والله قد بلغنا أن هذا القران هو هداية واضحة ليس فيه اختلاط وبلسان عربي مبين ، وأنه لسان هذه الأمة تعيه وتعرفه وسهل الإتباع ، لا يترك من قرأه و تبعه في حيرة بل هو اطمئنان للنفس إضافة إلى ما فيه من شفاء ، ولكن الذين لا يؤمنون في آذانهم وقرا وأوساخ (وقد بيناها في الجزء الأول )
ولمزيد من التوضيح فأن قناة الأذن الخارجية قد تم غلقها بالوقر مما جعل اللغة الواضحة البينة والتي هي لغتهم قد أصبحت غير مفهومة لديهم ، فصاروا يسمعون من الكلمة جزء منها ، فالأحرف ذات الذبذبة والطاقة العاليتين ستكون مسموعة من قبلهم, أما الأحرف التي طاقتها واطئة وذبذبتها قليلة فأنها لن تسمع لذلك سيكون الكلام مشوش وغير مفهوم ، وهنا سبحانه وتعالى يقول (فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ) وقد عرفنا ما هو الوقر وما أثره على سمع الإنسان (في الفصول السابقة من هذا البحث) فان النتيجة لهذا الوقر هو انسداد تام لصماخ الأذن ، وفي هذه الدرجة جعله سبحانه وتعالى وقرا واقعيا ، فالآية التي قبلها كان (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) أما الآن فإن في أذنيه وقرا ، أي أن درجة الصمم أعلى من الأولى ، ولكن لماذا قال عنهم سبحانه وتعالى (أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) أهو الاستهزاء بهم ؟! .
في تجربة علمية مذكورة في كتاب سمسونرايت للفسلجة صفحة 356 قام الباحثون بتجربة لدراسة درجة الصمم بالنسبة للذين لديهم انسداد في الأذن الخارجية مع سلامتها فسلجيا وقاموا باستعمال جهاز المناداة المسمى ( لاود سبيكر ) وقد طبقوا عدة مستويات من الذبذبات وبطاقة صوتية مختلفة فوجد بعد البحث والتجربة والتكرار والتحليل أن استعمال اللاود سبيكر من بعيد لإنسان سليم الأذن بذبذبة 1000 إلى 3000 ذبذبه في الدقيقة فان السمع سيتم بنسبة 80 % حتى ولو انخفضت الطاقة إلى 20 % ، أما إذا استعمل اللاود سبيكر بذبذبة اقل من 1000 فان السمع سينخفض الى 40 % حتى لو كان الصوت بطاقة عالية بالمقارنة مع الطبيعي ,وعند استعمال ذبذبة اقل من 1000 وطاقة صوت اعتيادية فان السمع سيقل كثيرا وسيقل معه وعى الكلام ( the intelligibility of speech ) عند المناداة من بعيد ، وطبعا هذه التجربة تمت على الأذن الطبيعية ، وعندما قاموا بسد الأذن بشمع وأعادوا التجربة ( أي بوجود وقر ) تعاظم هذا التأثير فأصبحوا بحاجه إلى ذبذبة عالية جدا وطاقة عالية ، ولكن لو استعمل اللاود سبيكر من مكان بعيد فان الذبذبات العالية ستكون طاقتها قليلة لذلك فان الذي عنده وقر في أذنه فليس بمقدوره أن يسمع جيدا حتى ولو استعملنا معه جهاز المناداة ( اللاود سبيكر ) فإذا عرفنا أن الإنسان الاعتيادي ينتج ذبذبة من 120 إلى 250 في الدقيقة ( كانون للفسلجة صفحة 170 ) فان النداء من مكان بعيد سوف لن يسمع أبدا ممن عنده وقر في أذنه ( حيث أن الطاقة التي نحتاجها للسماع من خلال عظم الجمجمة يحتاج إلى صوت عالي جدا لا يمكن لصوت الإنسان الوصول إليه إذا كان ينادى من مكان بعيد ( كانون للفسلجة صفحة 171 ))أي أن الله سبحانه وتعالى عندما أراد أن يوضح لنا أنهم في ضعف سمعهم سوف لن يسمعوا فقال عنهم ينادون من مكان بعيد وهم عندهم وقر في آذانهم ، في هذه الحالة فان الإنسان لن يستطيع إسماعهم ولا حتى باستعمال اللاود سبيكر الذي يستعمل من قبل الناس بصورة واسعة في أيامنا هذه ، ولكن في حالة استعمال طاقة عالية جدا أكثر من 160 ديسبل وذبذبة أعلى من 5000 فإنهم سيسمعون ولكن هناك نتائج عكسية عليهم وعلى الآخرين فالسمع سيكون مؤلم وتأثيره على منظومة السمع قد يؤدى إلى تلف الخلايا الحساسة في منظومة السمع ، ولو أن الذين عندهم انسداد شمعي في الأذن الخارجية ينادون من مكان قريب فإنهم سيسمعون لو استعمل معهم صوت عالي بالرغم من أن عندهم وقرا ( السمع سوف لن يتوقف تماما في حالة وجود انسداد في الأذن الخارجية بوقر آو بغيرة)(سمسونرايت صفحة 357 ) ، وعندما يقول سبحانه وتعالى عن الكفار أنهم ينادون من مكان بعيد فليس المقصود به يوم القيامة ، بل على العكس إذ أن يوم القيامة سينادون من مكان قريب (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ . يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) (41)(42) (ق).
ولو تأملنا هذه الدقة العلمية في مثل هذه الأمثال لوجدناها دقة تبهر أهل العلم واللغة والمنطق فكيف لرجل أمي وقبل 1400عام يبين ماهية الصوت بكل تفاصيله العلمية واللغوية في زمن كانت به البشرية لا تعي علم الصوت ، وما طبقاته ، وما قوته ، لا بل كانوا ينادون الرسول صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات والجدران بصوت عالي ليسألوه عن أمور مهمة حتى وصفهم رب العزة (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4)) في مجتمع غاية في الجهل . ولا بد من الإشارة إلى شيء مهم وهو لو أن هذه الأمثال ضربة حظ ثم جاءت بهذه الدقة العلمية لحدثت مرة واحدة , فالصدفة لا تتكرر , بيد أن الأمثلة تكررت في عدة مواضع ومشاهد وبأعلى دقة ، فحتما أنها لم تكن مجرد صدف أو أمثال إنما هي من لدن حكيم عليم. لذا فان دقتها العلمية جعلتنا نتيقن أن هذا القران من لدنه تعالى وتبارك أسمه فلا يمكن لبشر أن يأتي بكلام كهذا .
وهذا هو الإعجاز الذي يرسخ الأيمان عند أهل العلم والمعرفة (أولو الألباب) .
اجتماع صمم مركزي (NERVE DEAFNESS) وصمم الانتقال الصوتي (CONDUCTION DEAFNESS
في قوله ( وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا . نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ) (46) (47) (الإسراء)
مختصر أقوال المفسرين في هذه الآية
وجعلنا على قلوبهم أكنة تعني أغطية . فأكنة أن يفقهوه , جمع كنان وهو الغطاء وكذلك الكنان الذي يغشى القلب , وأكنة تكنها وتحول دونها عن إدراك الحق وقبوله , وأكنة جمع كنان وهو ما ستر الشيء تقديره كراهة أن يفقهوه أي لئلا يفهموا القرآن , أي منعناهم أن يفقهوه وكراهة أن يقفوا على كنهه ويعرفوا أنه من عند الله تعالى.
آذانهم وقرا , صمما وثقلا مانعا من سماعه اللائق به , وكذلك هو الثقل الذي يمنعهم من سماع القرآن, أي صمما وثقلا لا يسمعون الحق , أي صمما وثقلا وفي الكلام إضمار أي أن يسمعوه وفي آذانهم وقرا . وتعني كذلك صمما وثقلا عظيما مانعا من سماعه اللائق به فإنهم كانوا يسمعونه من غير تدبر, وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده معناه إذا ذكرت في القرآن وحدانية الله تعالى فر المشركون من ذلك لما فيه من رفض آلهتهم وذمها أي إذا وحدت الله في تلاوتك وقلت لا إله إلا الله ولوا على أدبارهم نفورا , هربا من استماع التوحيد ونفره أو توليه, أعرضوا عنك نافرين أي هربوا ونفروا نفورا أو ولوا نافرين أي أدبروا راجعين , ولوا على أدبارهم نفورا هربا من استماع التوحيد ونفرة أو تولية وقال علي بن الحسين هو قوله بسم الله الرحمن الرحيم ونحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وكانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ثم ينفرون فيقولون هو ساحر ومسحور ، نجوى أي متناجون في أمرك به أي نحن اعلم بالحال أو الطريقة التي يستمعون القرآن به, بالقرآن هازئين لا جادين وهم يقولون فيما بينهم متناجين هو ساحر وهو مسحور فأنزل الله تعالى نحن أعلم بما يستمعون به , وتعني ذوو نجوى أي أسرار وإذ هم نجوى جماعة يتناجون والنجوى كلام السر . إلا رجلا مسحورا أي سحر فجن أو رجلا ذا سحر أي رئة يتنفس أي بشرا مثلكم أي إن تتبعون إن أتبعتم محمدا إلا بشرا يأكل
التفسير العلمي والأعجاز القرآني في هذه الآية
لقد كان القرآن عند نزوله يتناقل مشافهة ولا يكتب وبالخصوص في مكة عند نزول هذه الآية، والمفهوم من الآية أن كفار قريش كانوا يستمعون القرآن ( مشافهة ) وهنا تأكيد أن الأمر لا يخص قراءة القرآن أو النظر, وإنما السماع والأذن ، والأكنة التي ذكرت في هذه الآية هي على السمع وفهم المسموع وليس لشيئ آخر، ولتوضيح الأمر سنوضح كيف تتم هذه الاكنة .
نبدأ بقلب الدماغ أولا (LIMBIC SYSTEM) ولبه (HYPOTHALAMUS)
وهو منطقة الوعي فسلجيا لكل الإحساسات, عندها سنجد أنها تتصل بمناطق الإحساس بالسمع أو ما يسمى المنطقة السمعية بشبكة معقده من الأعصاب الموصلة وقد وجد أن معظم وعي الكلام المسموع يتم من خلال قلب الدماغ ومنطقة ونكز( WERNICK”S AREA) والتي هي مجاورة المنطقة السمعية مركز السمع في الدماغ ، وعندما يذكر سبحانه وتعالى الأقنعة على دماغ الإنسان (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) فهذه الاكنة أو الأقنعة هي الموانع والحجب المانعة لنقل الايعازات العصبية من المنطقة السمعية إلى قلب الدماغ ومنطقة معالجة المسموع أي أنهم لو سمعوه فان سمعهم سيكون غير مفهوما وذلك لوجود الأقنعة المانعة لوعي الكلام ،واكنة التي تعني أقنعة أو أغطيه فهذه الكلمة تستعمل نفسها في الفسلجة (MASKING) .
ومن المعلوم في الطب أن هناك ثلاث مستويات لفهم المسموع ، الأول في مركز الدماغ العلوي ( منطقة 41 ) (كانونك للفسلجة ص181)
حيث يحلل المسموع إلى معلومات ، فإذا حدث في هذه المنطقة أي ضعف فان فهم المسموع سيكون قليلا وهنا سيكون أول الأكنة ، وكذلك هناك مركز في(المنطقة 22 ) ومنطقة ونكز( WERNICK”S AREA) وفيها يحدث تواصل المسموع مع المنطوق وقد يكون فيها ثاني الأكنة. وفي قشرة الدماغ المتصلة من خلال القلب الدماغي(HYPOTHALAMUS) يتحول المسموع إلى وعي وهنا ثالث الأكنة ، وفي كل ذلك من الممكن أن تدخل عليها أقنعة ، على فهم ووعى الكلام ( كانون للفسلجة وسمسونرايت للفسلجة ) ، ووجدوا أن إضافة صوت مع الصوت المسموع يحدث نوع من القناع ويقلل فهم الصوت الأصلي المسموع ( فألغو فيه ) وذلك نتيجة للتداخل إضافة إلى حدوث عملية الممانعة أو الإرهاق للمستلمات والمفسرات(كانونك للفسلجة ص178) ، لذا يذكر سبحانه وتعالى (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) ونحن هنا لا زلنا في مستوى الوعي أو القلوب الواعيه للإنسان، وهذا في حال السمع التام أما في هذه الآية فان الله سبحانه وتعالى يضيف شيئا آخر (وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا) أي أن الأذنين فيها انسداد وهذا الانسداد هو عامل إضافي سيجعل الصوت المسموع دون المستوى الاعتيادي مما ينعكس على وعى الكلام أكثر (كما رأينا في الفصول السابقة) ، إضافة إلى ذلك أن من الأمور التي تؤدى إلى عدم فهم المسموع هو البلادة والغباء وقلة التركيز, أو لنقل أن لهم عقلا ولكنهم لا يستعملونه ، فاجتمعت بهم صفات وقر الأذن وانسدادها وضعف التركيز في المراكز الدماغية العليا ثم البلادة والغباء ، فالإنسان المرهف السمع سوف يسمع الكلام ويسكن في دماغه حتى لو كان غبيا وخاصة إذا كان الكلام يسمع بوضوح وجلاء وتكرار ، أما أن يكون ذلك الإنسان غبيا وسمعه ضعيف فتلك هي الطامة ، حيث انه سوف يفسر ما لم يسمعه بوضوح بمعاني تناسب غباءه ، خلافا للإنسان العادي والذي قد لا يسمع الكلام بوضوح فيستعمل ذكائه في تصريف اتجاه الكلمات الغير واضحة ، لذلك قد يفهم الكلام الغير واضح ، أما في حالات الاستيعاب الضعيف فالواحد منهم يحتاج إلى كلام واضح ومكرر ليفهم جزء منه . من هذا نرى أن الكافرين عندما يسمعون الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الله وحده يفرون عنه فهم يحققون الصمم عمليا ، بالابتعاد عن سماع الحق ، ومع هذا تراهم يأتون سرا للاستماع للرسول صلى الله عليه وسلم فماذا سيستمعون وماذا سيعون من كلام الله ,الله اعلم بذلك ، ولكن سبحانه وتعالى يريد أن يبين أنهم سمعوا كلاما في آذان مسدودة بالشمع (الوقر) وبعقل ضعيف أو شارد وبمراكز أو قلوب دماغيه ضعيفة معزولة عن بعضها بالحجب والمعوقات (اكنة) وبغباء مطبق عليهم لذلك كان تحليلهم وفهمهم بعقلهم الغبي بعد كل هذه المعلومات الواضحة والبينات العظيمة والدقة العلمية العالية والفصاحة البالغة واللغة الدقيقة يقولون (إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا) بما فسره لهم عقلهم السقيم لقليل مما سمعوه ، ووسوسة الشيطان وضعف التحليل والأداء وقلة الانعكاسات المركزية والتي كانت نتاجا لأفعالهم لبعد عقلهم وتبلده , ومن هنا نرى أن الوقر هو ليس الصمم كما وضح ذلك بعض المفسرين ، فالكافرين الذين قال عنهم سبحانه وتعالى في آذانهم وقرا ، نراهم يستمعون (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى) فالسمع عندما يكون في الأذن شمعا وانسدادا سيستمر ولن يتوقف كما قلنا ، ولكنهم بظلمهم أنفسهم وبكفرهم الواضح البين استحقوا أن يجعل سبحانه وتعالى اكنة على قلوبهم (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) ، هذا الوصف الدقيق العميق للحالة النفسية والقيمة السمعية وردود الأفعال والأقوال في هذه الآية دالة عظيمة على ان هذا القرآن من عزيز حكيم عالم الغيب والشهادة الخالق البارئ المصور الذي خلقنا وعدلنا وفي أي صورة ما شاء ركبنا له الحمد وهو على كل شيء قدير .
خطوة نحو صمم أعلى
اكنة ووقر وحجاب
يقول سبحانه وتعالى (حم . تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ. وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ) (1) (2) (3) (4) (5) (فصلت).
مختصر أقوال المفسرين في هذه الآية
يقال حم اسم للسورة يعني قضى ما هو كائن ويقال هو قسم أقسم الله تعالى به يخبر تعالى عباده أن هذا الكتاب الجليل والقرآن الجميل تنزيل صادر من الرحمن الرحيم (وهناك تفصيل للأحرف في مقدمة السور لا مجال له هنا ) يعني نزل بهذا القرآن جبريل من الرحمن الرحيم قيل له كتاب لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ كون التنزيل من الرحمن الرحيم وذلك يدل على كون التنزيل نعمة عظيمة وسمي كتابا لأنه جمع فيه علوم الأولين والآخرين ، فصلت آياته والمراد أنه فرقت آياته وجعلت تفاصيل في معان مختلفة في وصف التنزيه والتقديس وقدرته ورحمته وحكمته وعجائب أحوال خلقه في خلقه السماوات والأرض والكواكب وتعاقب الليل والنهار وعجائب أحوال النبات والحيوان والإنسان والوعيد والثواب والعقاب ودرجات أهل النار فليس في يد الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة والمباحث المتباينة مثل ما في القرآن ، فصلت آيـاته ميزت تفاصيل، وفصلت أي فرقت وفصلت معناه بينت آياته أي فسرت معانيه ففصل بين حلاله وحرامه وزجره وأمره ووعده ووعيده وقيل فصلت في التنزيل أي نزل نجوما لم ينزل مرة واحدة وقيل فصلت بالمواقف وأنواع أواخر الآي ولم يكن يرجع إلى قافية ونحوها كالشعر والسجع ،وأي بينت معانيه وأحكمت أحكامه وبينت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون , اللسان العربي ولو كان بغير لسانهم ما علموا الحقائق ، قرآنا عربيا أي باللغة الفصحى أكمل اللغات فصلت آياته وجعل عربيا ،وفصلت آياته يعني بينت وفسرت دلائله وحججه .
قوله قرءآنا الاختصاص والمدح إنما وصف الله القرآن بكونه عربيا في معرض المدح والتعظيم كونه قرآنا عربيا لقوم يعلمون الآيات المفصلة المبينة بلسانهم العربي المبين , لا يتلبس عليهم شيء منه أي جعلناه بكلام العرب لقوم يعلمون ألفاظه ولقوم يعلمون أي إنما يعرف هذا البيان والوضوح العلماء الراسخون , أي لأجل أن يتبين لهم معناه كما يتبين لفظه، ولقوم يعلمون أي يتدبرون ما فيه عن علم وقيل يعلمون العربية فيعجزون عن مثله تقريعا وتوبيخا لقريش، وقوله بشيرا ونذيرا نعت للقرآن أي يبشر من آمن بالجنة وينذر من كفر بالنار, وبشيرا ونذيرا أي تارة يبشر المؤمنين وتارة ينذر الكافرين أي بشيرا لأولياء الله ونذيرا لأعدائه ،لا يسمعون لا يقبلون ولا يطيعون فهم لا يسمعون نفي لسمعهم النافع الذي يعتد به سمعا, أي أكثر قريش فهم لا يفهمون منه شيئا مع بيانه ووضوحه ، ولا يسمعون أي لا يصغون إليه تكبرا لا يسمعون له سماع قبول وإجابة فأعرض أكثرهم عن تدبره وقبوله وقالوا قلوبنا في أكنة , والأكنة جمع كنان وهو الغطاء والكنان ما يجمع الشيء ويضمه ومنة كنانة النبل, وفي آذاننا وقر أي صمم مما تدعونا إليه من الإيمان بالله تعالى وحده , وفي آذاننا وقر أي صمم وأصله الثقل ومن بيننا وبينك حجاب غليظ يمنعنا عن التواصل أي حاجز في النحلة والدين، وأن الطبع والأكنة يؤول معناهما إلى شيء واحد وهو ما ينشأ عن كل منهما من عدم الفهم
ومن بيننا وبينك حجاب خلاف في الدين وحاجز في الملة فلا نوافقك على ما تقول فاعمل أنت على دينك إننا عاملون على ديننا .
التفسير العلمي والإعجاز القرآني لهذه الآية
يقول سبحانه وتعالى (حم . تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ. وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ
يبتدئ سبحانه وتعالى في هذه الآية بالحرف حم ، هذه أحرف عربية واضحة وأنزلت من لدن رحمن رحيم أي مبالغة بالرحمة في البشرية انزل هذا القرآن لذلك فهو لم يأتي بما يعي الناس فهمه، أعطانا سبحانه وتعالى أسس وعي الكلام فهو فصلت آيته فهي واضحة جدا لا تختلط على احد وهو باللغة الأم المتداولة فيما بينهم وهي العربية والمتلقي واعي ويفهم ما يقال ، فالكلام واضح من المصدر واللغة واضحة والمتلقي واعي ونية الكلام هو الرحمة لنفي التأثير النفسي العكسي، ومع هذا اعرض أكثرهم !! فيا ترى أين الخلل ؟ نرى أن الأسس العلمية لوصول المعلومة متوفرة لكن هناك خلل مهم من ناحية الكافر الذي لا يريد هذه الرحمة ويصر على ضلاله ( فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) إنهم لا يسمعون ، ليس المقصود به مطلق السماع فهم في نقاش مع رسول الله، ولكن هناك تعطيل إرادي موضح بالأشياء الثلاثة في الآية( وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ) فقالوا أن مراكز الوعي للمسموع (وكان القرآن كله سماعا) مغلفة ومقنعة بكل المستويات في مستوى منطقه السمع 41 في قشرة الدماغ وفي مستوى المنطقة 22 ومجاورة منطقة السمع ( WERNICK”S AREA) حيث مركز التواصل أو في قلب الدماغ (HYPOTHALAMUS) حيث منطقة الوعي(كانونك للفسلجة ص 181)
وهناك وقر(شمع ) في الأذن والوقر كما عرفنا سابقا يؤدي إلى انسداد الأذن الخارجية وكذلك يؤدي إلى خلل في مستوى وضوح المسموع، يضاف لذلك الحجاب فهل وجود ستاره من القماش سيقطع الصوت؟؟ طبعا لا ولكن سيؤثر على التواصل حيث انه وجد أن الإنسان يستفاد من حركة الشفاه وتقاطيع الوجه وحركة الأيدي لزيادة فهم المسموع من الكلام ، فهم بذلك عكسوا القسم الأول من الآية ليصلوا إلى وعي اقل للقرآن .
ذات يوم دخل عتبة ابن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلم معه بترك هذه الدعوة وعرض عليه مقابل ذلك المال والجاه والنساء ، أي كل شهوات الدنيا وكان عليه والسلام صاغي إليه وما أن انتهى أجابه صلى الله عليه وسلم ( هل انتهيت يا أبن عم ؟ فقال نعم فقرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآيات ) ، كلام دقيق من رب العزة لكل حكيم وعاقل ، هذا كتاب الله وبلغتكم تنزيل من الرحمن الرحيم إلى آخر الآيات ، فارتعب عتبة ابن ربيعة وخرج من عنده .
إن هذا الكلام الذي لم يسمع به عتبة من قبل ترك تأثيرا كبيرا عليه عندما سمعه فأوصله إلى كامل وعيه وعقله حتى كاد أن يؤمن لولا انه عنده من الكبر في نفسه والله لا يحب المتكبرين ، يوضح سبحانه وتعالى في الآيات أن هذا القران تنزيل من الرحمن الرحيم وهذا أمر واضح جدا لمن يريد الهدي والعلم ، وهذا القران بشيرا ونذيرا فهو يبشر المؤمنين بان لهم من الله أجرا عظيما ، وينذر الكافرين بأنهم سينتهون إلى عذاب اليم إن استمروا في غيهم ، ولكن الكفار فروا وابتعدوا عنه صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوا له ، فهم لا يسمعون سماع الواعي لأنهم لا يريدون السمع ، ويشوشون على صوت رسول الله وهو يتلوا القران وذلك باللغو فيه ، وحاولوا من داخل أنفسهم صرف انتباههم عنه والابتعاد حتى لا يسمعوا كلاما واضحا ، فزادوا على ما هم فيه من ضلال فقالوا قلوبنا في اكنة ، وكما وضحنا في الآية السابقة فالأكنة من عدة أنواع ، ، وأضافوا إليه عمل غير صالح بما يخالف الحق والطريق السوي الذي يريده منهم سبحانه وتعالى ، وهذه خطوة نحو الابتعاد عن الدين كبيرة جدا حيث أن العمل الباطل يؤصل المسموع في عقل الإنسان وفكره ، وهذا ما يفعله أهل الباطل فيأمروا إتباعهم على مر الزمان بان لا يسمعوا للحق ولا يسمعوا إلا لمبدئهم الفاسد ويحذروهم من الاطلاع على الكتب الإسلامية لأن لا يؤثر بهم الدين الحق ، ثم يغلقون عقولهم ويجعلون عليها اكنة وحواجز ويحيطونها بقصص كاذبة وأخبار مغلوطة وباطل غير معقول مستخدمين كل الطرق من إعلام بالتلفزيون والراديو والانترنت والكتب والمجلات , اضافة إلى المدارس وكذلك السطوة والمال والقوه ، ثم يلوثوهم أكثر بأعمال قبيحة باطلة ومخجله (سنوضح ذلك لاحقا أكثر) ، ولا زالوا بهم هكذا يأخذوهم مرحلة بعد مرحله إلى الهاوية حتى يلتصق العمل على القلب فيمنعه من أن يعيى الحق (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)) وعندها لن يعو من المسموع إلا الباطل فتزيغ قلوبهم ويفسر عقلهم الحق باطلا والباطل حقا ، وستراهم يسيرون على باطلهم وهم فرحين به وفرحين بأنفسهم السقيمة وعقولهم المغيبة في الحجب ، وهم الآن يضيفون بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاب آخر فبعد الوقر الذي في آذانهم والغشاوة على عقولهم والعمل الباطل الذي يعملونه فأنهم تدنسوا إلى أن أصبحوا يستحقوا أن يكونوا من أهل النار فختم الله على قلوبهم بظلمهم والله على كل شيء قدير .