على أبصارنا غطاء فأين هو
على أبصارنا غطاء فأين هو
يقول سبحانه وتعالى (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) (ق))
مختصر أقوال المفسرين في هذه الآية
وقوله تعالى لقد كنت في غفلة من هـاذا إما على تقدير يقال له أو قيل له لقد كنت كما قال تعالى وقال لهم خزنتها والغفلة شيء من الغطاء كاللبس وأكثر ، فكشفنا عنك غطاءك أي أزلنا عنك غفلتك ، لقد كنت في غفلة من هذا قال هو الكافر، قوله فبصرك اليوم قال إلى لسان الميزان، و ما من أحد إلا وله غفلة ما من الآخرة وقيل الخطاب للكافر، والغطاء الحجاب المغطى لأمور المعاد وهو الغفلة والانهماك في المحسوسات او أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام وقيل أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وبه يقول زيد بن أسلم وابنه والمعنى على قولهما لقد كنت في غفلة من هذا القرآن قبل أن يوحى إليك فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك فبصرك اليوم حديد والظاهر من السياق خلاف هذا ، فيقول الله لها لقد كنت في غفلة من هذا اليوم في الدنيا فكشفنا عنك غطاءك الذي كان في الدنيا على قلبك وسمعك وبصرك فبصرك اليوم حديد نافذ تبصر ما كنت تنكر فبصرك اليوم حديد
أي نافذ لزوال المانع للأبصار فبصرك اليوم حديد أي نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في الدنيا
التفسير العلمي والإعجاز القرآني لهذه الآية
يقول سبحانه وتعالى (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
يوضح سبحانه وتعالى لنا في هذه الآية ان الانسان عندما يأتي يوم القيامة وهو يساق من ملكين معه الى ارض المحشر ثم الحساب سيتغير فيه شيء مهم ، ان هناك غطاء وغشاوة على العين في الدنيا سيكشفها سبحانه وتعالى عنه هناك فيرفع الغطائة عن عينه ، فيرى بصورة مشابهة لما كان يرى في الدنيا ما عدا انه حديد البصر ، أي شديد الحدية ، او لنقل ان الصور التي يراها اقوى بكثير وادق في حافتها وتميزها ، وكذلك يمكن له رؤية الاشياء من بعيد جدا كنتاج لهذا التغير ، العين البشرية كما وضحناها سابقا تتكون من منظومة عدسات تركز الضوء على المنطقة الحساسة من العين وهى الشبكية ( شكل رقم 1 ) والشبكية فيها منطقة وسطية في مركز الشبكية بقطر مليم واحد فيها اربع ملايين مخروط متخصصه في استلام الضوء وتحويله الى موجات كهربائية ، وهناك ثلاثة انواع من هذه المخاريط تتجمع بأسلوب خاص لاستلام الالوان وتحليلها ثم ارسالها الى المرحلة التي تليها وبسرعه كبيرة تقل عن واحد على الف من الثانية حيث انها ستعطي صورة دقيقة جدا تعادل 800 ميجا بكسل فتمرر هذه الصورة الى طبقتين من نوى الخلايا فتعدلها وتكون صور اخرى ، ثم تعدلها مره اخرى في الطبقة التي تليها ولا تمر سوى 20 % من الايعازات الى العصب البصرى ، في بعض الحيوانات الفقرية فان اطلاق مادة الدوبامين (dopamine ) بين طبقة النوى الداخلية وبين المنطقة الشبكية ( inner nuclear and inner plaxiform layers ) سوف يؤدى الى سرعة مرور الايعازات المستعرضة بين الخلايا مما يساعد كثيرا في الرؤيا الليلة ( كانون للفسلجة صفحة 160 ) ان الضوء الداخل للعين البشرية سوف يمر من خلال ثمانية طبقات من الخلايا والشبكات العصبية قبل ان يصل الى المستلمات العصبية ( الشكل رقم 3 ) ( ادلر فسيولج )( والشكل رقم 8 )
الشكل رقم 8
وفي الطيور تقل هذه الطبقات كما ان هناك عمل تفسيري للصورة يتم في العين قبل انسلاق الاشارات الى قشرة الدماغ ( ادلر صفحة 323 ) فهناك غطاء كبير على العين متمثل في :-
اولا : انقلاب الشبكية حيث ان الضوء يمر بكل طبقات الشبكية ليصل الى المتحسسات .
ثانيا : وجود عوائق في طبقات الخلايا بمرور الكهربائية المتكونة في المستلمات الضوئية ومنعها من الوصول حره الى الدماغ وتحتاج الى منشطات للمرور كما في الحيوانات .
ثالثا : وجود مراحل تحويل الصورة في العين وعدم امكانية اعطاء التفسير في العين كما يحدث في الطيور فالإيعازات تفسر في الطيور في العين والاعمال الإضافية في قشرة الدماغ .
ومن هذا نجد ان النسر يستطيع ان يرى فأرا في مليون متر مربع ويكتشفه ويتعامل معه بسرعه ، وهناك حيوانات تستطيع ان ترى بصوره جيده وحتى في الظلام الشديد الذى يصل الى واحد على مليون من الملي لامبرتيز ، فماذا يحدث لو ان هذه الحواجز زالت وانكشف الغطاء عن عين الانسان !! اريد ان اوضح ان الله سبحانه وتعالى لم يقل ان الغطاء على عين الانسان وانما على بصر الانسان لذا يقول سبحانه وتعالى (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) فاذا كشف الغطاء فهو عن البصر وليس العين ، لذا سيكون بصر الانسان بقوة تعادل مئات المرات عن قابلية البصر الحالية ولاستطاعة التفريق بين نقطتين على بعد كيلومترات كما يرى النسر لا بل اقوى من ذلك بكثير والله على كل شيء قدير .
اقوال المفسرين لمن يحب الاطلاع عليها
التفسير الكبير – الرازي ج28/ص142
وقوله تعالى لقد كنت فى غفلة من هـاذا إما على تقدير يقال له أو قيل له لقد كنت كما قال تعالى وقال لهم خزنتها الزمر 73 وقال تعالى قيل ادخلوا أبواب جهنم الزمر 72 والخطاب عام أما الكافر فمعلوم الدخول في هذا الحكم وأما المؤمن فإنه يزداد علما ويظهر له ما كان مخفيا عنه ويرى علمه يقينا رأى المعتبر يقينا فيكون بالنسبة إلى تلك الأحوال وشدة الأهوال كالغافل وفيه الوجهان اللذان ذكرناهما في قوله تعالى ما كنت منه تحيد ق صلى الله عليه وسلم
1764 19 والغفلة شيء من الغطاء كاللبس وأكثر منه لأن الشاك يلتبس الأمر عليه والغافل يكون الأمر بالكلية محجوبا قلبه عنه وهو الغلف
وقوله تعالى فكشفنا عنك غطاءك أي أزلنا عنك غفلتك فبصرك اليوم حديد وكان من قبل كليلا وقرينك حديدا وكان في الدنيا خليلا
الدر المنثور – السيوطي ج7/ص600
لقد كنت في غفلة من هذا قال هو الكافر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فكشفنا عنك غطاءك قال الحياة بعد الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد قال عاين الآخرة فنظر إلى ما وعده الله فوجده كذلك
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله فبصرك اليوم قال إلى لسان الميزان حديد قال حديد النظر شديد
تفسير أبي السعود ج8/ص130
لقد كنت في غفلة من هذا محكى بإضمار قول هو إما صفة أخرى لنفس أو حال أخرى منها أو استئناف مبنى على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل فماذا يفعل بها فقيل يقال لقد كنت في غفلة الخ وخطاب الكل بذلك لما أنه ما من أحد إلا وله غفلة ما من الآخرة وقيل الخطاب للكافر وقرىء كنت بكسر التاء على اعتبار تأنيث النفس والتذكير على القراءة المشهورة بتأويل الشخص كما في قول جبلة بن حريث يا نفس إنك باللذات مسرورا
فاذكر فهل ينفعك اليوم تذكير
فكشفنا عنك غطاءك الغطاء الحجاب المغطى لأمور المعاد وهو الغفلة والأنهماك في المحسوسات والألف بها وقصر النظر عليها فبصرك اليوم حديد نافذ لزوال المانع للإبصار وقرىء بكسر الكاف ف المواللضع الثلاثة
تفسير ابن كثير ج4/ص226
لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد أحدها أن المراد بذلك الكافر رواه علي بن أبي طلحة عن بن عباس رضي الله عنهما وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان والثاني أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام وهذا اختيار بن جرير ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما والثالث أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وبه يقول زيد بن أسلم وابنه والمعنى على قولهما لقد كنت في غفلة من هذا القرآن قبل أن يوحى إليك فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك فبصرك اليوم حديد والظاهر من السياق خلاف هذا بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو والمراد بقوله تعالى لقد كنت في غفلة من هذا يعني من هذا اليوم فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد أي قوي لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصرا حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة لكن لا ينفعهم ذلك قال الله تعالى أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا وقال عز وجل ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون
تفسير البغوي ج4/ص223
فيقول الله لها لقد كنت في غفلة من هذا اليوم في الدنيا فكشفنا عنك غطاءك الذي كان في الدنيا على قلبك وسمعك وبصرك فبصرك اليوم حديد نافذ تبصر ما كنت تنكر في الدنيا وروي عن مجاهد قال يعني نظرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك
تفسير البيضاوي ج5/ص228
لقد كنت في غفلة من هذا على إضمار القول والخطاب لكل نفس إذ ما من أحد إلا وله اشتغال ما عن الآخرة أو للكافر فكشفنا عنك غطاءك الغطاء الحاجب لأمور المعاد وهو الغفلة والانهماك في المحسوسات والإلف بها وقصور النظر عليها فبصرك اليوم حديد نافذ لزوال المانع للأبصار وقيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى كنت في غفلة من أمر الديانة فكشفنا عنك غطاء الغفلة بالوحي وتعليم القرآن فبصرك اليوم حديد ترى ما لا يرون وتعلم ما لا يعلمون ويؤيد الأول قراءة من كسر التاء والكافات على خطاب النفس
تفسير الجلالين ج1/ص690
لقد كنت في الدنيا في غفلة من هذا النازل بك اليوم فكشفنا عنك غطاءك أزلنا غفلتك بما تشاهده اليوم فبصرك اليوم حديد حاد تدرك به ما أنكرته في الدنيا
تفسير السعدي ج1/ص805
فكشفنا عنك غطاءك الذي غطى قلبك فكثر نومك واستمر إعراضك فبصرك اليوم حديد ينظر ما يزعجه ويروعه من أنواع العذاب والنكال أو هذا خطاب من الله للعبد فإنه في الدنيا في غفلة عما خلق له ولكنه يوم القيامة ينتبه ويزول عنه وسنه في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط ولا يستدرك الفائت وهذا كله تخويف من الله للعباد وترهيب بذكر ما يكون على المكذبين في ذلك اليوم العظيم
تفسير السمرقندي ج3/ص319
ويقال أريناك الغطاء الذي على أبصارهم كما قال وعلى أبصارهم غشاوة البقرة 7 حيث لم يعقلوا فبصرك اليوم حديد أي نافذ ويقال شاخص بصره يديم النظر لا يطرف حين يعاين في الآخرة ما كان مكذبا به
ويقال حديد أي حاد كما يقال حفيظ يعني حافظ وقعيد بمعنى قاعد
وقال الزجاج هذا مثل ومعناه إنك كنت بمنزلة من عليه غطاء فبصرك اليوم حديد يعني علمك بما أنت فيه نافذ
تفسير السمعاني ج5/ص241
قوله تعالى لقد كنت في غفلة من هذا يقال إن هذا في الكفار لأنهم في الغفلة من الآخرة على الحقيقة ويقال في كل غافل
وقوله فكشفنا عنك غطاءك أي كشفنا عنك ما غشيك وغطى سمعك وبصرك وعقلك حتى لم تسمع ولم تبصر ولم تعقل الحق وهو في معنى قوله تعالى أسمع بهم وأبصر
تفسير القرطبي ج17/ص14
لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد قال رسول الله ص لتركبن طبقا عن طبق قال حالا بعد حال ثم قال النبي ص إن قدامكم أمرا عظيما فاستعينوا بالله العظيم خرجه أبو نعيم الحافظ من حديث جعفر بن محمد بن علي عن جابر وقال فيه هذا حديث غريب من حديث جعفر وحديث جابر تفرد به عنه جابر الجعفي وعنه المفضل ثم في الآية قولان أحدهما أنها عامة في المسلم والكافر وهو قول الجمهور الثاني أنهاخاصة في الكافر قاله الضحاك
فبصرك اليوم حديد قيل يراد بصر القلب كما يقال هو بصير بالفقه فبصر القلب وبصيرته تبصرته شواهد الأفكار ونتائج الاعتبار كما تبصر العين ما قابلها من الأشخاص والأجسام وقيل المراد به بصر العين وهو الظاهر أي بصر عينك اليوم حديد أي قوي نافذ يرى ما كان محجوبا عنك قال مجاهد فبصرك اليوم حديد يعني نظرك إلى لسان ميزانك حين توزن سيئاتك وحسناتك وقاله الضحاك وقيل يعاين ما يصير إليه من ثواب وعقاب وهو معنى قول بن عباس وقيل يعني أن الكافر يحشر وبصره حديد ثم يزرق ويعمى وقريء لقد كنت عنك فبصرك بالكسر على خطاب النفس
تفسير النسفي ج4/ص172
لقد كنت اى يقال لها لقد كنت في غفلة من هذا النازل بك اليوم فكشفنا عنك غطاءك اى فأنزلنا غفلتك بما تشاهد فبصرك اليوم حديد جعلت الغلة كانها غطاء غطى به جسده كله او غشاوة غطى بها عينيه فهو لا يبصر شيئا فاذا كان يوم القيامة تيقظ وزالت عنه الغفلة وغطاؤها فيبصر ما لم يبصره من الحق ورجع بصره الكليل عن الابصار لغفلته حديدا لتيقظه
تفسير الواحدي ج2/ص1023
لقد كنت في غفلة من هذا اليوم فكشفنا عنك غطاءك فخلينا عنك سترك حتى عاينته فبصرك اليوم حديد فعلمك بما أنت فيه نافذ
روح المعاني – الألوسي ج26/ص184
اقد كنت في غفلة من هذا محكي بإضمار قول والجملة استئناف مبني على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل فماذا يكون بعد النفخ ومجيء كل نفس معها سائق وشهيد فقيل يقال للكافر الغافل إذا عاين الحقائق التي لم يصدق بها في الدنيا من البعث وغيره لقد كنت في غفلة من هذا الذي تعاينه فالخطاب للكافر كما قال ابن عباس وصالح بن كسيان وتنكير الغفلة وجعله فيها وهي فيه يدل على أنها غفلة تامة وهكذا غفلة الكفرة عن الآخرة وما فيها وقيل الجملة محكية بإضمار قول هو صفة لنفس أو حال والخطاب عام أي يقال لكل نفس أو قد قيل لها لقد كنت والمراد بالغفلة الذهول مطلقا سواء كان بعد العلم أم لا وما من أحد إلا وله غفلة ما من الآخرة وما فيها وجوز الأستئناف على عموم الخطاب أيضا وقرأ الجحدري لقد كنت بكسر التاء على مخاطبة النفس وهي مؤنثة وتذكيرها في قوله يا نفس إنك باللذات مسرور على تأويلها بالشخص ولا يلزم في قراءة الجمهور لأن التعبير بالنفس في الحكاية لا يستدعي اعتباره في المحكي كما لا يخفى
فكشفنا عنك غطاءك الغطاء الحجاب المغطى لأمور المعاد وهو الغفلة والأنهماك في المحسوسات والألف بها وقصر النظر عليها وجعل ذلك غطاء مجازا وهو إما غطاء الجسد أو العينين وعلى كليهما يصح قوله تعالى فبصرك اليوم حديد
أي نافذ لزوال المانع للأبصار أما على الثاني فظاهر وأما على الأول فلأن غطاء الجسد كله غطاء للعينين أيضا فكشفه عنه يستدعي كشفه عنهما وزعم بعضهم أن الخطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمعنى كنت في غفلة من هذا الذي ذكرناه من أمر النفخ والبعث ومجيء كل نفس معها سائق وشهيد وغير ذلك فكشفنا عنك غطائك الغفلة بالوحي وتعليم القرآن فبصرك اليوم حديد ترى ما لا يرون وتعلم ما لا يعلمون ولعمري أنه زعم ساقط لا يوافق السباق ولا السياق وفي البحر وعن زيد بن أسلم قول في هذه الآية يحرم نقله وهو في كتاب ابن عطية انتهى ولعله أراد به هذا لكن في دعوى حرمة النقل بحث وقرأ الجحدري وطلحة بن مصرف بكسر الكافات الثلاثة أعني كاف عنك وما بعده على خطاب النفس ولم ينقل صاحب اللوامح الكسر في الكاف إلا عن طلحة وقال لم أجد عنه في لقد كنت الكسر فإن كسر فيه أيضا فذاك وإن فتح يكون قد حمل ذلك على لفظ كل وحمل الكسر فيما بعده على معناه لأضافته إلى نفس وهو مثل قوله تعالى فله أجره
قوله تعالى لقد كنت أي ويقال له لقد كنت في غفلة من هذا اليوم وفي المخاطب بهذه الآيات ثلاثة أقوال
أحدها أنه الكافر قاله ابن عباس وصالح بن كيسان في آخرين
زاد المسير – ابن الجوزي ج8/ص14
الوحي في غفلة عما أوحي إليك فكشفنا عنك غطاءك بالوحي فبصرك اليوم حديد وفي المراد بالبصر قولان
أحدهما البصر المعروف قاله الضحاك والثاني العلم قاله الزجاج
وفي قوله اليوم قولان
أحدهما أنه يوم القيامة قاله الأكثرون والثاني أنه في الدنيا وهذا على قول ابن زيد فأما قوله حديد فقال ابن قتيبة الحديد بمعنى الحاد أي فأنت ثاقب البصر ثم فيه ثلاثة أقوال
أحدها فبصرك حديد إلى لسان الميزان حين توزن حسناتك وسيئاتك قاله مجاهد والثاني أنه شاخص لا يطرف لمعاينة الأخرة قاله مقاتل والثالث أنه العلم النافذ قاله الزجاج
فتح القدير – الشوكاني ج5/ص76
لقد كنت في غفلة من هذا أي يقال له لقد كنت في غفلة من هذا والجملة في محل نصب على الحال من نفس أو مستأنفة كأنه قيل ما يقال له قال الضحاك المراد بهذا المشركون لأنهم كانوا في غفلة من عواقب أمورهم وقال ابن زيد الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة وقال أكثر المفسرين المراد به جميع الخلق برهم وفاجرهم واختار هذا ابن جرير قرأ الجمهور بفتح التاء من كنت وفتح الكاف في غطاءك وبصرك حملا على ما في لفظ كل من التذكير وقرأ الجحدري وطلحة بن مصرف بالكسر في الجميع على أن المراد النفس فكشفنا عنك غطاءك الذي كان في الدنيا يعنى رفعنا الحجاب الذي كان بينك وبين أمور الآخرة ورفعنا ما كنت فيه من الغفلة عن ذلك فبصرك اليوم حديد أي نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في الدنيا قال السدى المراد بالغطاء أنه كان في بطن أمه فولد وقيل إنه كان في القبر فنشر والأول أولى والبصر قيل هو بصر القلب وقيل بصر العين وقال مجاهد بصرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك وبه قال الضحاك