الاقفال الكامل على السمع او ما يعادل الصمم التام

الاقفال الكامل على السمع 

 

يقول سبحانه وتعالى (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (23-24) (محمد)

 

مختصر اقوال المفسرين لهذه الآية

 

إشارة لمن سبق ذكرهم من المنافقين أبعدهم الله عنه أو عن الخير فأصمهم فلا يسمعون الكلام المستبين وأعماهم فلا يتبعون الصراط المستقيم قال أصمهم ولم يقل أصم آذانهم وقال وأعمى أبصـارهم ولم يقل أعماهم وذلك لأن العين آلة الرؤية ولو أصابها آفة لا يحصل الإبصار والأذن لو أصابها آفة من قطع أو قلع تسمع الكلام لأن الأذن خلقت وخلق فيها تعاريج ليكثر فيها الهواء المتموج ولا يقرع الصماخ بعنف فيؤذي، او هو إشارة إلى مرضى القلوب المذكورين و لعنهم معناه أبعدهم أولئك الذين   أفسدوا في الأرض وقطعوا أرحامهم   لعنهم الله   فقال أصمهم من غير ذكر الأذن وقال أعمى أبصـارهم مع ذكر العين لأن البصر ههنا بمعنى العين ، والوقر دون الصم وكذلك الطرش، أولـئك الذين لعنهم الله  فأصمهم فلا يسمعون حقيقة الكلام وأعماهم فلا يتبعون طريق الإسلام، وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العلم عن الحسن رضي الله عنه قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذا الناس أظهروا العلم وضيعوا العمل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا في الأرحام لعنهم الله عند ذلك   فأصمهم وأعمى أبصارهم ،   و فأصمهم   عن استماع الحق لتصامهم عنه بسوء اختيارهم   وأعمى أبصارهم   لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة في الأنفس والآفاق ، او   جعلهم لا يسمعون ما ينفعهم ولا يبصرونه وسلبه الانتفاع بسمعه وبصره حتى لا ينقاد للحق ، إذا ذكر الصمم لم يبق حاجة إلى ذكر الآذان وأما العمى فلشيوعه في البصر والبصيرة، وقوله تعالى   أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها  اي على قلوب قاسية أو مظلمة وعلى بعض القلوب، إذ ليس على قلب قفل ظاهرا ، والأقفال أبلغ من الختم لأن الأقفال كأنها ليست إلا لها، او أراد به أقفالا مخصوصة هي أقفال الكفر والعناد

عن عروة رضي الله عنه قال تلا رسول الله  صلى الله عليه وسلم    أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها   فقال شاب من أهل اليمن بل عليها أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها فقال النبي  صلى الله عليه وسلم  صدقت فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي فاستعان به

وافلا يتدبرون القرآن توقيف وتوبيخ  وإضافة الاقفال إليها للدلالة على أنها أقفال مخصوصة بها مناسبة لها غير مجانسة لسائر الأقفال المعهودة ،وعلى قلوب لهم أقفالها فلا يفهمون القرآن، وعلى قلوب أقفالها   أي قد أغلق على ما فيها من الإعراض والغفلة والاعتراض وأقفلت وكذلك معناه أن أعمالهم لغير الله ختم على قلوبهم بالأقفال المختصة بها وهى اقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح نحو الرين والختم والطبع

وذكر الأقفال استعارة والمراد أن القلب يكون كالبيت المقفل لا يصل إليه الهدى ومعنى الآية أنه لا يدخل في قلوبهم الإيمان ولا يخرج منها الكفر والشرك

 

 

التفسير العلمي والاعجاز القرآني لهذه الآيه

 

 

 

وصلنا الان الى ما يشبه درجة الصمم والعمى التام ، ولكن هل هم عميان وصم حقا أي هل انهم لا يرون ولا يسمعون ، كيف ونحن نراهم بكامل صحتهم وعافيتهم ، وهؤلاء الملعونين تراهم يتلصصون ويتجسسون وراء اهل الحق ويتسمعون ما يقولون ولهم شامة النمل وينقلون الى اسيادهم كل شيء فكيف يكون صممهم اذا ؟ يوضح سبحانه وتعالى لنا ذلك بعد ان لعنهم الله بكفرهم فاضلهم (فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) فكيف يكون ذلك ؟؟ .

كما عرفنا سابقا فان السمع يتم بعدة مراحل ابتداء من الاذن الخارجية فالوسطى فالداخلية ، وفي الاذن الداخلية في قوقعة الاذن تتحول الامواج الى ذبذبات كهربائية بواسطة الخلايا الشعرية ،تنتقل الامواج الكهربائية الى العصب السمعي الى المركز الدماغي في قشرة الدماغ المنطقة 41 ومجاورة المنطقه 41 ، وفي طريقها الى المنطقة 41 ستحط في ثلاث محطات ، وفي كل محطة سيحدث تغير جذري في هذه الايعازات لتنتقل بخلية عصبية جديدة ( كايتون وهل للفسلجة ص657 ) وسيحدث تحوير في الموجه، وهناك عدة مؤثرات على هذه الايعازات تؤثر على هذا التحوير ، في هذه السيطرات ستعمل ايعازات من قلب الدماغ(HYPOTHALAMUS)  ومن قشرة الدماغ ومن المناطق المجاورة ومن مركز سيطرة مهم هو منطقة رنكز الدماغية ( WERNICK”S AREA) (( كايتون وهل للفسلجة ص718 ) وهذه المنطقة تتصل كذلك بكل المراكز الدماغية الاخرى في قشرة الدماغ وقلب الدماغ ومنطقة الفهم الكلامي ومنطقة تذكر الاسماء ومعرفة الوجوه ، وعند وصول الموجه الى المركز السمعي 41 ترسل المعلومات مرة اخرى الى منطقة رنكز( WERNICK”S AREA) وبالتعاون بين هذه المناطق سيحدث فهم الكلام ، وفي كل محطة من المحطات التي يمر بها الايعاز العصبي ممكن ان يحدث تثبيط او ما نسميه حجب او (اكنة) فتؤدي الى تحور في المسموع او تركز على جزء من المسموع او على نغمة او شدة خاصة ، والنتيجة النهائية لوعي المسموع ممكن ان يتغير كثيرا من شخص الى آخر ومن ضرف الى آخر ،( في حالة تحطم منطقة رنكز( WERNICK”S AREA) او حدوث تأثير من تحفيز خارجي فيوقف عملها  فانه سيسمع كاملا بالتمام ويستطيع تمييز كامل الكلمات بدقه ولكنه لن يستطيع ترتيبها بما ينفع في الوعي وقد يقرا ولكن لن يستطيع الانتفاع عقليا منها ،) ( كايتون وهل للفسلجة ص718  نصيا) وسوف يقل عنده الذكاء بشكل مطرد فيتحول الى بلاده وعدم استجابة ( كايتون وهل للفسلجة ص718 ) فهكذا سيكون اثر لعنة الله عليهم بعد تمسكهم بالباطل وهم يعرفون الخير حق المعرفه (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) لذلك فهم لن يتدبروا القرآن بعد ذلك لا سماعا ولا قراءة بتأثير رباني وقفل الاهي على منطقة رنكز ( WERNICK”S AREA) ومناطق السمع ووعي المسموع والمراكز الاخرى ذات العلاقة ووضحها سبحانه وتعالى فقال  (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) ، انظر هنا دقة اللفظ القرآني انها عدة مراكز(قُلُوبٍ) وليست قلبا واحدا(هنا ليست على قلبهم لنفهم انه لكل انسان قلب واحد) حتى احتار فيها المفسرين فهل للإنسان اكثر من قلب، ولها اقفالها الخاصة وهذا قال بها المفسرين وحيث اننا نعرف علميا عدة مواد تقفل القلوب هذه وعدة ايعازات سوف تثبط عمل المركز هذا او ذاك مثال على ذلك مادة كاما اماينو بيترك اسد (GABA)ومركز النخاع المستطيل المثبط  ، من ذلك عرفنا كيف ان لهم عيون، لا يبصرون بها وكيف ان لهم آذان لا يسمعون بها  وكيف ان لهم قلوب لا يفقهون بها انهم كالأنعام التي لا تمتلك مثل هذا المركز(مركز ونكزWERNICK”S AREA) بدائي في الانعام) لا بل هم اضل  ، فهم يسمعون القران ولكن لا يتدبرونه ولا يفهمون ما فيه او يتغابون عنه كليا فما الفائدة ان تسمع ولا تدرى ما تسمع ، فلو قيل لك ان نارا في ثوبك وحذروك بشدة ثم سمعتها ولم تقم باي ردة فعل حتى صارت النار عليك فما فائدة هذا السمع ، فكأنه لا يسمع وكذلك ما فائدة ان ترى امامك اسدا ولا تفر وتحتمى عنه حتى يهجم عليك فاذا لا فائدة من هذا النظر فهو كالأعمى بل اضل ، وسبب ذلك كله ان ختم الله على قلوبهم ووضع عليها اقفالا فلذلك لم يعد الكافر يتدبر القران ولا يعيه ولا يرى الخير فيه ، فهاذا يملك خبزا ويموت جوعا ويهلك .

اترك تعليقاً