هو .. هي ..
لقد كان يوما ثقيلا جدا ينطبق فيه المثل: لا هم الا هم العرس!, لكنه انتهى على خير.
دخل إلى غرفة زواجهم وهو يعلم أنها بالداخل وحدها.
وقع نظره عليها, ولازمت عينه عينها، كأنه لم يرها من قبل!
لقد كانت نظراته إليها غريبة نوعا ما، قد يكون فيها إعجاب أو اندهاش، ولكن كانت هناك علامة استفهام مرسومة بين عينيه. كاد أن ينطق بكلمته، تراجع عنها حياءً أو هيبة للموقف.
أما هي، فقد كانت نظراتها أكثر تفحصاً وكأنها تراه للمرة الأولى!
لملم شجاعته، وحمل نفسه، وهمهم بكلمة فتحت له الطريق:
– السلام عليكم يا شيماء، لماذا تنظرين إلي هكذا!؟
– وعليكم السلام يا طارق. توقفت برهة ثم قالت: لا شيء لا شيء.. ولكن نظراتك غريبة.
– يا عزيزتي، إن لهذا قصة غريبة.
– و ما هي بالله عليك؟
– حسنا، سأقصها عليك:
جلس جنبها برفق شديد، وكأنه يجلس على بيض! وقال:
-لقد كانت والدتي تلح علي بالزواج وأنا لا أمانع إلا بلسان الحياء، وكانت كلما عرضت علي فتاة كنت أرفض، لأنني كنت أريد زوجة بمواصفات خاصة، وقد لا تصدقين إذا قلت لك: إني كنت أرى في المنام عدة مرات فتاة جميلة تأتيني بثوب الزفاف، فكنت أرفض ما تعرضه أمي حتى بدون أن أرى الفتاة، وكنت أختلق الأعذار المختلفة لأبرر رفضي هذا، وذلك لظني أن الفتاة التي تعرضها علي والدتي ليست التي أراها في المنام.
في إحدى المرات ألحت علي والدتي وقالت لي:
– لو رأيت شعرها ؟! فبالرغم من أنه أحمر إلا أنه جميل جدا.
تذكرت عندها أن شعر الفتاة التي أراها في المنام كان احمر اللون، وذكرت صفات أخرى لها مشابهة لصفات فتاة الحلم، لهذا وافقت.
وعندما رأيتك أول مرة رأيت فيك الكثير من صفات فتاة أحلامي، ولحيائي لم أستطع التطلع فيك جيدا، إذ كنت كلما رأيتك منعني مانع من النظر إليك بصورة كاملة، وحتى بعد إتمام الخطبة والعقد الذي تم بسرعة كما تعلمين.. حتى إن والدتي تعجبت من تعجلي في الزواج بعد المماطلة، فأنا لم أطلعها على مكنونات صدري حتى يوم الزفاف.
أما اليوم فأنت زوجتي، ونظري إليك حلال، لهذا نظرت إليك بتمعن وأنت في ثوب الزفاف وهو كما كنت أراه دائما في أحلامي! إنك هي ..هي التي كنت أراها وأتمناها في مناماتي، فأنت فتاة أحلامي، وهذا ما جعلني أطيل النظر إليك، فقد كنت لا أنظر إلى أي فتاة لعلمي أنه حرام.
فالحمد لله الذي بدلني بالحرام حلالا وحقق أمنيتي.
***
أشرق ثغرها بابتسامة حيية ارتسمت على محياها مما زادها جمالا وتململت في مكانها وهي لا تزال تحمل الورد في يدها، وتكلمت بصوت هامس حيي حتى لكأنها تنتزع الحروف من شفتيها فقالت:
– إن الذي حملني على إطالة نظري إليك قصة اغرب من قصتك!، فقد كنت أرفض كل من يتقدم لي، وكان أهلي يريدون معرفة السبب، ولكني لم أستطع أن أجيبهم، إلا أختي أطلعتها على مكنونات صدري، وهي أني أرى دائما شابا واقفا أمامي، نحيف قليلا، ذو سمرة خفيفة، وحاجبين كثين، وعينين واسعتين.
وحين أخبرت أختي بذلك اتهمتني بالجنون وطلبت من والدتي أخذي إلى طبيب نفساني والذي اخبر والدتي ان الحالة بسيطة ولا خوف منها.
وعندما أتيت لخطبتي رفضت على عادتي حتى قبل أن أراك، وقد طلب مني أهلي الوقوف على النافذة لأشاهدك من الغرفة وأنت تمر قربها، ولكنني رفضت النظر مما اضطرت أختي فجرتني من شعري إلى قرب النافذة!
وفعلا رأيتك، ولكنني لم أرفع عيني عنك إلى أن دخلت وبقيت متسمرة في مكاني حتى بعد دخول كل الضيوف!
نظرت أختي إلي باندهاش، فقلت لها: هو، هو..! – هو الذي أراه أمامي دائما.
و طوال مدة الخطوبة والمهر لم أستطع أن أراك جيدا أما الآن فقد تأكد لي أنك هو، حتى البدلة هي نفسها، فأنت فتى أمنياتي كما قال الطبيب النفساني!.